نعم. الكتب المصورة. تلك الأشياء الصغيرة الساحرة التي تُبقي أطفالنا مستمتعين ومتعلمين أحيانًا، مع الرسوم النابضة بالحياة والقصص التي تثلج الصدر. لقد كان من دواعي سروري العمل في بعض المشاريع الضخمة حقًا: مجموعة قصص شعبية تراثية مكوّنة من أكثر من 90 لوحة فنّية، كفيلة بأن تصيبك بكوابيس مدى الحياة، ومجموعة قصصية مكوّنة من خمسة كتب عن حياة أمير من عائلة حاكمة تتكوّن من أكثر من 70 لوحة فنية في ثلاثة أشهر فقط، وكتاب قصص مصورة (كوميك) لحكومة محلية، والذي - للأسف - لم يرَ النور مطلقًا. لذا، ثق بي عندما أقول إننّي أعرف ما أتحدث عنه. ومع هذا، تظلّ تسأل نفسك كيف تمكّن الرّسام من جعل هذه القصص تنبض بالحياة؟ حسنًا، اربط حزام الأمان يا بيكاسو، لأننا على وشك الكشف عن عملية فائقة السرية، ومعقدة للغاية، وليست ساخرة كما تبدو لرسم كتاب مصوّر للأطفال، في ٩ خطوات سهلة (لأننا نحتفظ بالخطوة العاشرة السرّية لأنفسنا، حتى لا يُتقن الجميع سر المهنة)
الخطوة ١: اِبحث عن الإلهام
(ويُعرف أيضًا بفن التحديق إلى الجُدران)
الأشياء المهمة أولًا، أنت بحاجة إلى فكرة رائعة. يتضمن هذا عادةً التحديق في الصفحات الفارغة، أو الجدران أو الأسقف أو الشاشات الفارغة (سمّها ما شئت) حتى يأتي الإلهام. لا تقلق؛ سيستغرق الأمر بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات. وعندما تحصل عليه أخيرًا، كن مستعدًا لتركِ كل شيء والبدء في الرسم، خشية أن تتبخر الفكرة في مقبرة الأحلام الضائعة.
الخطوة ٢: تصميم الشخصية
(ويُعرف أيضًا باسم ماذا تعرف عن النِّسبَة والتناسُب؟)
بعد ذلك، تحتاج إلى تصميم شخصياتك المحبوبة والتي يمكن أن يجد أحدهم نفسه فيها. هذا هو الوقت المثالي لتجربة أنماط ونِسَب مختلفة. ستكتشف سريعًا أنه توازن دقيق بين ابتكار شيء يعشقه الأطفال وشيء لا يمنحهم الكوابيس. لا تقلق؛ ستعيد رسم كل شخصية ٥٠٠ مرة تقريبًا قبل أن تشعر بالرضا.
الخطوة ٣: رسم الكوادر الفنية Storyboard
(ويُعرف أيضًا باسم ما الذي أقحمت نفسي فيه!)
الآن بعد أن أصبحت لديك فكرتك البارعة، حان الوقت لإنشاء لوحة عمل أو كوادِر فنّية. قسِّم قصتك إلى صفحات، وقم بعمل مخططات تقريبية لما سيحدث. هذا هو الجزء الذي تدرك فيه عدد الصفحات التي تحتاج إلى رسمها: خمسين؟، مئة، مئتين؟. لا بأس، من يحتاج إلى النوم، أليس كذلك؟
الخطوة ٤: إتقان فن الرفض
(أنا أيضًا لم يعجبني ذلك على أي حال)
بمجرد حصولك على شخصياتك والكوادر الفنية الخاصة بك، فقد حان الوقت لعرضها على المحرر أو المؤلف. جهّز نفسك لتعليقاتهم، والتي من المحتمل أن تتضمن إلغاء نصف أفكارك الثمينة. هذا هو المكان الذي تكتسب فيه جلدًا سميكًا وتتعلم أن تحب صوت "لا" (يمكنك الترويح عن نفسك بقائمة أغانٍ مكوّنة من "لا.. لا..هالكلمة المُرّة" لعبدالرب إدريس، أو "وينك يا كلمة لا" لعبدالكريم عبدالقادر) لكن لا تقلق، كل هذا هو جزء من العملية.
الخطوة ٥: وضع اللمسات الأخيرة على اللّوحات الفنية
(ويُعرف أيضًا باسم متى ينتهي هذا!)
الآن بعد أن تعرّض غرورك للكدمات بما فيه الكفاية، حان الوقت لوضع اللمسات الأخيرة على عملك الفني. يتضمن ذلك ساعات لا حصر لها من الرسم، والتحبير، والتلوين، وإتقان كل رسمة حتى تستحق مكانًا في القاعات المقدّسة لأدب الطفل. فقط تذكّر، الكافيين هو صديقك، ومتلازمة "النفق الرسغي" هي مجرّد خرافة (أكره أن أبلغك ولكنه: ليس كذلك).
الخطوة ٦: الطباعة والمراجعة
(لماذا تكرهني الألوان)
مع اكتمال عملك الفني أخيرًا، حان الوقت للطباعة والمراجعة. هذا عندما تدرك أن الألوان على الشاشة والألوان على الورق هما وحشان مختلفان تمامًا. استعد لعدة جولات من الضبط وإعادة الطباعة حتى يبدو كل شيء على ما يرام. كما لو أنه ليس لديك شيء أفضل لتفعله، أليس كذلك؟
الخطوة ٧: لغز الغلاف
(الحُكم على كتاب من عنوانه)
الغلاف! إنه الشيء الوحيد الذي سيُقنع الأطفال بالتوسّل للحصول على كتابك بدلًا من تلك اللعبة اللامعة. اختر مشهدًا يصرخ، "أنا الكتاب الأكثر إثارة للاهتمام في هذا المتجر المُمل بالكامل!" دع شخصياتك تستعرض مهاراتها على الغلاف كما لو أنها على خشبة المسرح. استعد للهجوم الحتمي من التعديلات والمراجعات من المحرّر أو المؤلف- من لا يحب المزيد من الكدمات تجاه ثقته بنفسه؟ أعِد تصميم الغلاف عشرات المرات حتى تتقنه، وشاهد كتابك يقفز من على الرفوف!
الخطوة ٨: جنون الخطوط
(عندما تخطف الخطوط الأضواء)
الخطوط - إنه فن جعل الكلمات تبدو رائعة مثل الرسومات الفنية. جرّب الخطوط والألوان ومواقعها، ولكن اجعل الخط مقروءًا، فأنت لا تريد أن يبدو عنوان كتابك مثل لغة فضائيين أو خربشات طفل صغير، أليس كذلك؟ اجعل كلماتك تغني وترقص وتتكامل بشكل متناسق مع عملك الفني. بعد كل شيء، فإن التكامل المثالي بين الخطوط والرّسوم هو أمر نادر، وإن حدث، فهو سحري، كوحيد قرن يقدّم البيتزا!
الخطوة ٩: احتفل بتحفتك الفنية
(المعروفة أيضًا باسم نوبات الضحك والبكاء المتواصلة)
تهانينا! لقد نجحت في رسم كتاب مصور للأطفال. توقف لحظة لتستمتع بإنجازك، ثمّ ستنهار على الفور من الإرهاق. لكن لا تقلق، ستنسى قريبًا كل الألم والمعاناة، وستكون جاهزًا لفعل ذلك من جديد!
إذن إليكم، الدليل المضمون لرسم كتاب مصوّر للأطفال. إنها لعبة مليئة بالمشاعر والإحباط والانتصار العَرَضي، ولكن في نهاية المطاف، فإن رؤية عملك الفني وهو يجلب الفرح إلى تلك الوجوه البريئة، أمر يستحق كل هذا العناء - أو هكذا أخبروني. حظًّا سعيدًا!
الآن، لحسن حظي، انتقلت إلى الجانب الآخر من الطاولة - جانب الإنتاج. وهذا يعني القليل من الرسم والكثير من التحكّم (ضحكة شريرة). أما بالنسبة إليك، أيها الفنان العزيز، فسيتعيّن عليك الاستمرار في رفع الأحمال الثقيلة والصعود في طريقك. من يدري، قد تكون الشخص التالي الذي سيحكم عليه شخص مثلي. سأحاول أن أكون رحيمًا، لكن أكره أن أبلغك بأن الإبداع هو عملية ديكتاتورية في نهاية المطاف.
الآن، دعونا نتوقف للحظة لنشكر الفنانة الرائعة سارة جياودي على صبرها أثناء العمل على كتاب"حكاية من لونين". نأمل أنكِ ما زلت على قيد الحياة، سارة، لأن هناك المزيد من أعباء العمل في طريقها إليك! أما بالنسبة إليك، عزيزي الفنان، استمر في الإبداع وتذكّر: كل هذا جزء من الرحلة المثيرة عبر العالم الجامح والغامض لرسم كُتب الأطفال!
وإلى أولئك الذين لم يقرؤوا "حكاية من لونين" حتى الآن، ثقوا بي، إنها متعة بصرية لا تريدون أن تفوّتوها!
Comments